في البدء دعينا نُعرف المبادرة ونقول :
المبادرة هي قدرة المرء على التحكم بحياته وتوجيه شراع أهدافه وطموحاته إلى الوجهة التي يريدها ، متحديا الرياح والأعاصير ، متخطيا العوائق والعقبات .
مدركا أن سلوكه نتاج لخياره الواعي المرتكز على القيم ، أكثر من كونه نتاج ظروفه المرتكزه على المشاعر .
ومبدأ المبادرة وروحها تتخلص في عبارة واحدة وهي :
كل فرد في هذه الحياة مسئول عن تصرفاته ويملك حرية اتخاذالقرار .
· من هي المرأة المبادرة ؟
امرأة تواجه الحياة بصدر مملوء بالثقة والعزيمة والايجابية ، لا تلقي باللوم على الظروف ، ولا تبرر فشلها بقلة حيلتها ، سلوكها نتاج لقرارها الحر المسؤل ، وقرارها نابع من مخزون القيم والمبادئ التي تتبناها .
ليست انفعالية ، ولا تنجرف في تيار العاطفة الأعمى .
لا تسوقها المشاعر ولا تتكئ على الظروف البيئية كمبرر لعجزها .
تعيش حياتها كما تريد هي لا كما يراد لها ، لا يؤثر في سلوكها إن كانت السماء صافية ، أم ملبدة بالغيوم ، فالأحداث المتغيرة لا تغير في قرارها ، ولا تزعزع سلوكها .
ولأن الحياة ليست وردية ، فإن المرأة المبادرة قد تفاجأ بأحداث تطرق باب حياتها بلا موعد سابق ، لكن تعاملها مع تلك الأحداث يكون بوعي وحنكة ومعتمدا على قيمة ومبدأ بداخلها .
فلا تهتز وتضطرب إذا ما عراها حادث مفاجئ ، ولا يسقط في يدها إذا أتت الرياح بما لا تشتهي أو عكس ما تريد .
لا يُفتح باب حياتها إلا بأمرها ، ولا تحني كاهلها للظروف والأحداث المفاجأة .
تدرك أن القلق والسلبية وقلة الحيلة لا تسكن إلا في قلب مهيأ لها ..!
أو كما يقول المثل الصيني ( قد لا تستطيع منع طيور الحزن من أن ترفرف فوق رأسك ، لكنك تستطيع أن تمنعها من أن تسكن في وجدانك ) .
الطريق إلى المبادرة .
المبادرة تنبع من قيمه داخل المرء منا .
أنظري إلى سمية زوجة عمار رضي الله عنها ، أول شهيدة في الإسلام ، ما الذي ثبتها أمام التعذيب والترهيب ،حتى فقدت روحها ؟ .
إنها القيمة التي لامست بداخلها روحا عطشى ، إنه الإسلام الذي حرك فيها كل خلجة وسكنه .
أنظري إلى ماشطة فرعون وهي تنظر إلى فرعون مصر وهو يلقي بأبنائها واحدا تلو الآخر في النار ما الذي ثبتها وقواها غير تلك العقيدة التي تحتل في وجدانها الشيء الكثير .
تأملي في القصة التي صدرنا بها حديثنا ، ما الذي جعل تلك المرأة السوداء تقف في وجه الظلم والبغي سوى قيمة الحرية التي تنامت في قلبها .
والشخصية الفعالة تتعامل مع معطيات الحياة بأسرها وفق ما تمليها عليها قيمها التي تتبناها .
ما الذي يغضبها ..؟
ما الذي يسعدها ..؟
ما الذي يثيرها ، ويحفزها ..؟
الإجابة على هذه الأسئلة لدى المرأة المبادرة هي ( القيم والمبادئ ) .
كثير ما يتناقل الناس خبر أحد أصدقائنا بمعلومة ما ، لكننا نقول في ثقة إنها كاذبة على الرغم من عدم تأكدنا من المصدر .
هذه الثقة التي كوناها من معرفتنا بثبات مبادئ هذا الصديق .
فاطمة لا تكذب أبدا .. مريم مستحيل أن تتهكم أو تحرج أحد ..
سلمى مثال للحياء ... أحلام لا تتنازل عن رأيها مطلقا .
هؤلاء الفتيات اللواتي تحدثنا عنهن بثقة ، أجبرونا بثبات مبادئهم على أن نكون عنهن هذه الأفكار .
والمبادئ الثابتة تولد سلوكا واضحا ، والسلوك الواضح ينتج شخصية محددة المعالم .
والمبادئ تتولد كما قلنا من القيمة التي تحملينها بداخلك .
وتصاغ في هدف ورسالة تعيشين من أجلها .
ان المبادرة هي أم العادات ـ كما قال ستفن كوفي ـ فمن خلالها ينطلق المرء صانعا عالمه الذي يريد رؤيته ومعايشته .
المبادرة تجعلك في ثقة بقدرتك على إحداث التغيير الذي تريدنه .
يجعلك تعيشين الحياة مستشعرة بأنك أنت صانعتها ، ولست رقم على هامشها