كيف ندفن الحب الميت

تكلمنا
كثيرا عن الحب كيف ينشأ ولكن كيف ننهي الحب؟ هذا موقف يقع فيه كثيرون ولا
يعرفون الخروج منه. في مثل هذا الموقف يميل الناس الى لوم من وقع في الحب
لانه ادخل نفسه في هذا المغطس ولكن حتى لو هذا صحيحا فلا اعتقد انه من
المفيد ان نلوم هذا الشخص في هذا الظرف. ثم ان كثيرا من قصص الحب تنتهي
بالانفصال القسري بدون وجود خطأ من أي طرف كأن يعمد الاهل الى فسخ خطوبة
شخصين متحابين سبق وان وافقوا على خطوبتهما. دعونا نسوق النقاط التالية
التي تعين اكثر على فهم الموضوع وكيفية الخروج منه.

الحب الذي لا امل منه نجد انه من الاجدى الاسراع في التخلص منه بدل البحث
عن وسائل اصطناعية تمده بالاوكسجين. ذلك ان اكرام الميت دفنه كما يقولون.
بعض الناس يغفلون عن هذه الحقيقة فيحاولون تحويل الحب الى صداقة او الى
مسميات اخرى مثل اخوة او زمالة لايجاد أي طريقة يتواصلون فيها مع المحبوب
ليكتشفوا بعد مدة ان الحب ما زال كامنا ولم يخف اثره وليكتشفوا انهم عادوا
الى نقطة الصفر دون ان يشعروا.

ان
كان البعد العاطفي مطلوبا فالبعد المكاني مطلوب ايضا.. لا يمكن ان ننهي
علاقة حب ان كنا نرى المحبوب يوميا.. فلا مفر من تغيير مكان العمل او تجنب
الاوقات والمناسبات التي ممكن نلتقي فيها بالمحبوب كي ننساه. كذلك علينا
ان نبتعد عن كل الاماكن التي تحمل ذكريات اللقاءات مع المحبوب ونتخلص كذلك
من كل رسالة او هدية تذكرنا به خاصة اذا كانت امام اعيننا كل الوقت

لا
فارق عمليا بين الرجل والمراة في التخلص من آثار الحب فالاثنان يتعذبان
بنفس المقدار كما تبين التجارب.. صحيح ان الرجل قادر ان يدخل في علاقة
ثانية بشكل اسرع ولكنه في الوقت نفسه يغار على محبوبته جدا ولا يتخيل
وجودها مع شخص آخر فيكون تمسكه بها لا لكونه لا يستطيع ان يفكر بغيرها بل
لانه لا يتصور ان تكون لغيره. ومن تابع قصص الحب يجد ان اغلب المكتوين بها
رجال واغلب المتضررين نفسيا رجال ربما لكون الرجال هم في العادة يبادرون
الى الوقوع في الحب فالحب من طرف واحد او من اول نظرة هو حب مألوف عند
الرجل اكثر منه عند المراة التي تنتظر ان تتعرف على الشخص قبل ان تقع في
حبه

يطرح
علينا سؤال: شخص يحب شخصا آخر ويتعذب من اجله كثيرا.. كيف يمكن ان ينساه؟
الجواب كما عبرت عنه بصورة رائعة احدى النساء المثقفات التي اعرفها هو ان
الحب كالشوكولا . يظل الانسان مدمنا عليه طالما اعطاه الشعور باللذة ولكن
حينما يكتشف ان هذه اللذة تكلفه غاليا من صحته ومن تعب اعصابه فسيميل
تلقائيا الى كره هذا الحب. قلة من الناس ممكن تثابر على حبها اذا اكتشفت
ان هذا الحب يقضي على صحتها او تركيزها في العمل. في هذه اللحظة بالذات
يكتشف الانسان ان عليه ان يدفن حبه... لكن هل هذا معناه ان الامر سهل؟؟ لا
بالطبع فالقرار شيء والتنفيذ شيء آخر

التخلص
من الحب يشبه تماما التخلص من الادمان على المخدرات. بمعنى انه لا تستطيع
ان توقف الحب في لحظة واحدة بل عليك اخذ جرعات تدريجية. لكن الا يتعارض
هذا مع ما قلناه سابقا بوجوب دفن الحب الميت على الفور؟ لا.. لا يتعارض
لأنه وكما قدمنا القرار شيء والتنفيذ شيء آخر. بمعنى ان القرار يجب ان
يكون جازما لكن التنفيذ قد يأخذ وقتا. مثال: انا عزمت الا اكلم المحبوب
السابق ابدا عزما جازما.. ساكتشف ان هذا مستحيل واني ساضعف بعد فترة واتصل
به. هذا امر متوقع ولا مشكلة فيه شرط الا يقودنا الى نقطة الصفر مجددا.
وبما انه في معظم قصص الحب يكون احد الطرفين اقوى من الآخر فيجب ان يكون
حاسما مع الطرف الضعيف بحيث يبين له ان الطريق انتهت ولكن بشكل لطيف لا
يجرحه. بهذه الطريقة في كل مرة يضعف فيها الطرف الضعيف ويتصل بالطرف القوي
سيجد ان اتصالاته لا تنفع شيئا ولا ترقق قلب حبيبه عليه فيزهد مع الوقت
ليأسه من امكانية تغيير موقف الحبيب ولانعدام الراحة المتوقعة في الاتصال
به. اكبر المشاكل تنشأ حينما يكون الطرفان ضعيفان، حينما يعجز الطرف القوي
ان يكون حاسما كأن يكون متعاطفا او مستغلا لمشاعر الآخر.. او حينما يحب
الطرف الضعيف الطرف القوي بشكل جنوني لا ينفع معه لا صد ولا حتى اهانات

ومن
ادلة تشابه الحب مع الادمان الهشاشة التي تصيب العاشق. بمعنى ان أي كلمة
او تصرف من أي شخص حتى لو في العمل ممكن تجرح مشاعره. كذلك نوبات الحزن
والسوداوية التي تجتاحه. من اكثر المواقف المألوفة التي واجهتني هو حينما
يقول لي العاشق ان حبه قد انتهى وانه الان سعيد بحياته ونسي المحبوب بشكل
نهائي. هذه الجملة تكون في كثير من الاحيان صادقة ولكن موهومة بمعنى ان
العاشق يقولها عن قناعة ولكنه سيجد بعد فترة ان شعور الحب والشوق قد عاوده
وبقوة اكبر. فدورنا كمستشارين في هذه الحال هي ان نبين له ان هذه النوبات
طبيعية وانه يحتاج لبعض الوقت حتى يشفى منها بشكل نهائي تماما.

من
تداعيات النقطة السابقة يتبين لنا خطورة الارتباط السريع عقب فشل أي علاقة
سابقة فالانسان قد لا يظن انه انتهى من الادمان على العشق السابق فيعمد
الى الارتباط ليكتشف بعد فترة ان بقايا الحب القديم ما زالت في قلبه فتفشل
علاقته بعد ان يكون قد عذب شخصا آخر معه. والامر الاسوأ من هذا ان يرتبط
الشخص بعلاقة حب وهو متأكد من انه لم ينتهي بعد من القصة السابقة املا في
نسيانها. ليس الناس لعبة في ايدينا حتى نستخدمهم للتعويض العاطفي او لملأ
فراغ في القلب. علينا التمهل ريثما تنتهي كل رواسب الحب وعلينا ايضا نسيان
العلاقة القديمة تماما لدى أي تجربة جديدة كي لا نقع في فخ المقارنة.

سؤال
نسأل عنه دوما في الحالات المستعصية: ما الحل؟ في احيان كثيرة تكون قصة
الحب عميقة جدا بحيث لا يوجد لها أي حل جذري بمعنى ان الشخص سيعاني من اثر
مستديم مهما فعل وسيعاني من خسائر اكيدة في حياته المستقبلية. فعلى المرء
احيانا تقبل هذا الامر وهو ان جزءا من قلبه او سعادته ذهب الى غير رجعة
ولن يعود. وهذا يذكرنا بالضرر الذي يقع في حالة وفاة شريك الحياة حين تكون
الصدمة كبيرة جدا بحيث يعجز الشريك الحي عن تعويضها مدى الحياة. نعم في
حالة القلب المكسور قد لا توجد دائما حلول ناجعة تعيد القلب الى ما كان
عليه ولا الحياة الى ما كانت عليه تماما كما ان مريض السكري او أي مريض
مزمن آخر عليه ان يتأقلم مع مرضه طوال عمره.]

يقال
في قصص الاغريق ان الكره والحب وجهان لعملة واحدة.. هل هذا صحيح؟ نعم
بالتأكيد الحب القوي سينقلب لا محالة الى كره قوي اذا فشلت العلاقة. لا
مجال للعودة الى اللامبالاة على الاقل ليس قبل مرور فترة طويلة.. نحن لا
نرى بأسا ان يكره الشخص حبيبه السابق خاصة اذا تخلى عنه اما ان فرقتهما
الظروف بدون مسؤولية على احد فلا باس ان يتذكر كل منهما الاشياء المنفرة
في الحبيب السابق كي يستطيع ان ينساه. فنحن نعلم جيدا ان الثعلب حينما لم
يصل الى العنب قال عنه انه حصرم.. هذه الية دفاعية يسيتعملها الانسان
لحماية نفسه.. لكن في الوقت نفسه نحذر من ان يتحول هذا الكره الى حقد يكنه
العاشق لحبيبه السابق فهذا امر غير مقبول اخلاقيا فضلا على ان الحقد يقتل

موضوع صعب برضه
شكرا يا تايجر2